مخاطر الأكل العاطفي أثناء فترة الحجر الصحي
المشاعر لا تُحس فقط، ولكن تؤكل أيضًا. في سياق استثنائي كالذي نعيشه الآن، يصبح الأكل من الجوانب الأكثر تأثرًا في حياتنا، وقد يصل إلى مرحلة يتحول فيها إلى وسيلة هروب عاطفي حقيقية. يعمل الحجر الصحي كمحفز لظهور المشاعر السلبية كالقلق، وهو ما قد يغير أنماط تناول الطعام بأشكال عديد. اكتشف مخاطر الأكل العاطفي خلال فترة العزل المنزلي في هذه المقالة.
استهلاك الطعام يتعدى مجرد إشباع الجوع. فالأمر لا يتعلق بالحصول على العناصر الغذائية وتوفير الطاقة اللازمة للجسم. في الواقع، عندما نطهو أو نقوم بوضع قائمة تسوق، لا نفكر دائمًا في الحصول على الفيتامينات، البروتينات، والمعادن التي نحتاجها. فنحن نرغب فقط في استهلاك وجبة لذيذة نستمتع بها مع أحبائنا.
الطعام مصدر مهم من مصادر المتعة. وفي هذه اللحظات التي يسيطر فيها القلق والتوتر على حياتنا، يمكن للأكل أن يصبح وسيلة للهرب.
سيكون هناك من يحافظون على اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن خلال الأزمة. ولكننا لا نستطيع تجاهل من عاني من اضطرابات الأكل في الماضي.
في الحقيقة، معظم الناس يستهلكون المزيد والمزيد من الأطعمة الصحية خلال هذه الفترة لأنهم بذلك يستطيعون التنفيس عن مشاعرهم السلبية.
الأكل العاطفي
ما نعرفه من خلال علم النفس العاطفي وعلم التغذية هو أن العادات الغذائية للإنسان تتغير عندما يعاني من القلق والتوتر، وهنا نلاحظ ما يُعرف بظاهرة الأكل العاطفي.
وهو بالضبط ما يحدث في السيناريو الذي نعيشه حاليًا. في القسم التالي، نستعرض بعض الأنماط السلوكية التي يمكننا ملاحظتها، والتي لا يجب تجاهلها.
الأكل لتجنب التفكير
الأطعمة التي تخلق شعورًا بالمتعة والسعادة وتستطيع كبح المشاعر السلبية هي أهم العوامل التي تحدد ما يقوم الناس بشرائه من منتجات خلال هذه الفترة.
فنحن نقضي اليوم بالكامل تقريبًا في المنزل. ومن الوسائل التي تسهل علينا تحمل هذه الساعات المملة هي استهلاك الكوكيز، الكعك، الحلويات، وكميات كبيرة من الكربوهيدرات.
فيصل العقل إلى اتفاق غريب مع المشاعر: كل، استمتع ولا تقلق. ولكن،عند الاستعانة بالطعام كمنفذ عاطفي، تظهر مشكلة كبيرة.
ففي المتوسط، الأطعمة التي تساعد الجسم على إفراز السيروتونين والدوبامين (هرمونات السعادة) توفر هذا التأثير على المدى القصير فقط.
يعني ذلك أن العقل يمر بفترات من الصعود والهبوط المستمرة، وهو ما يجعل إدمان هذه الأطعمة سهلًا. وفي هذه الحالة، يدفعك المخ إلى تناول المزيد والمزيد من تلك الأطعمة غير الصحية وغير المشبعة.
التوتر وسلوكيات الأكل المضطربة
يخلق الوباء الحالي نوع جديد كليًا من التوتر للكثيرين؛ مزيج من المواقف المفاجئة المليئة بالكرب والسأم والضغط غير الاعتيادي.
بالإضافة إلى ذلك، فجميعنا نعيش ونتبع أنماط سلوكية مماثلة في هذا العالم. ومع إتاحة تكنولوجيا متطورة تستطيع ربطنا جميعًا سويًا، تنتقل السلوكيات السلبية بسهولة من مجتمع لآخر.
ونستطيع ملاحظة ذلك بسهولة عن طريق مشاهدة سلوكيات الأكل المضطربة المنتشرة عالميًا، إلى جانب سلوكيات كتسوق الذعر وتخزين المنتجات، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات لساعات طويلة لمكافحة الملل.
الوصفات العائلية القديمة
في الوقت الذي نعاني فيه من استهلاك مشاعرنا لنا، خاصةً من يعاني من القلق منا، نستطيع ملاحظة نمط سلوكي آخر مثير للاهتمام.
ففي ضوء أوقات الفراغ التي حصلنا عليها فجأة، قرر العديد من الناس قضاء المزيد من الوقت في المطبخ.
والهدف أصبح في معظم الحالات هو تحضير الوصفات العائلية الخاصة بالآباء والأجداد، والتي كانوا يطهونها لنا أثناء فترة الطفولة.
هذه وسيلة من وسائل محاولة استعادة الذكريات والمشاعر الإيجابية التي كنا نشعر بها خلال هذه الفترة من حياتنا.
إلى جانب أن الطهي يعتبر من الأنشطة المهدئة بشكل عام، والتي تساعد أيضًا على مكافحة الملل.
اطبخ وارفع الصور على وسائل التواصل الاجتماعي
الحجر الصحي يخلق نمط سلوكي آخر مثير للاهتمام: فرط النشاط.
فالبعض يمارس تمارين غير اعتيادية، البعض الآخر يقومون بعمل مشغولات يدوية، وبالطبع لا ننسى الطهي وعرض الصور عبر الإنترنت للحصول على إعجابات. جميع هذه السلوكيات هي أيضًا وسيلة للهروب العاطفي.
في الأيام القليلة الماضية، أصبحت الخميرة أكثر المنتجات شيوعًا في المتاجر. فيوجد اهتمام مفاجئ بخبز الحلويات، الكعك والمعجنات.
هذه الوصفات توفر متعة خاصة. أولًا لأنها مهدئة ومحفزة، فالعمل باستخدام اليدين يساعد على تشتيت انتباه العقل بعيدًا عن المشاعر السلبية.
وثانيًا، يمكن رفع الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي والحصول على التشجيع والمكافآت من جميع الجوانب.
ختامًا، شراء الطعام، استهلاكه، وحتى تحضيره بأنفسنا جميعها وسائل تجنب عاطفي أو طرق للهروب من مشاعرنا خلال هذه الفترة العصيبة.
فتذكر ضرورة عدم الانخراط في العادات التي تشكل خطرًا على صحتك. تحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى الاعتناء بنفسك.