مفاتيح السعادة وفقًا للعلم
الشعور بالسعادة الكاملة ممكن، وذلك وفقًا للعلم. في الواقع، برغم أن هذا مجال بحثي جديد نسبيًا، إلا أن الكثير من الدراسات تقترح أن الإنسان قادر على الشعور بالسعادة حتى خلال الفترات العصيبة.
من المفهوم والمقبول أن يشعر بعض الناس بالحزن والانزعاج خلال هذه الفترة على وجه التخصيص. ولكننا نستطيع دائمًا العثور على طرق تساعدنا على الشعور بالسعادة حتى خلال أصعب المواقف في حياتنا.
الشعور بالسعادة
وفقًا للعلم، السعادة مفهوم مجرد. ويحاول الكثير من الباحثين دراسة هذا المفهوم أو الشعور منذ عقود. وبالطبع، وضع كل منهم تعريفه الخاص، ولذلك يوجد العشرات من الشروحات المختلفة للسعادة.
على سبيل المثال، يركز البعض على الحالات والمشاعر الإيجابية، في حين أن البعض الآخر ينظر إلى السعادة من منظور غياب المشاعر السلبية كالخوف والكرب.
يقترح المهندس مو جاودات رؤية مثرة جدًا للاهتمام. وهو مهندس كان يعمل في شركة جوجل في السابق ومر لمواقف صعب للغاية في ذلك الوقت. وذلك لأن ابنه مات أثناء الخضوع لجراحة إزالة الزائدة الدودية بسبب الإهمال الطبي. واعتمادًا على معاناته الشخصية، وضع جاودات معادلة رياضية يحاول من خلالها شرح التعاسة البشرية.
وفقًا له، نحن نعاني بسبب أننا نرفض الأشياء السيئة التي تحدث لنا. ونقوم بذلك بسبب توقعنا لحدوث أشياء مغايرة.
يحدث ذلك في العديد من المواقف الصعبة في الحياة. فألم عدم تقبل موت أحد الأحباء أو فقدان الوظيفة أو المرض، وغير ذلك يؤدي إلى معاناة كبيرة. وبذلك نبتعد عن مفهوم السعادة بطبيعة الحال.
تأثيرات تنبع من السعادة
وفقًا للعالمة بربرا فريدريكسون ونظرية المشاعر الإيجابية الخاصة بها، فإن الشعور بالمشاعر الإيجابية يساعد على دعم المرونة السلوكية. وهو يساعد أيضًا على توسيع مخزون هذا النوع من السلوكيات. بذلك يمكننا التكيف والتعامل مع بيئتنا وجوانب حياتنا المختلفة بشكل ملائم.
وتشمل تاثيرات الحفاظ على المنظور الإيجابي على المدى الطويل التالي:
- تصبح أفكارنا أكثر ابتكارًا
- نكون أكثر تقبلًا لأنفسنا والآخرين
- تصبح استجاباتنا أكثر تكيفًا
- يمكننا مواجهة المشاعر السلبية بشكل أفضل
- نستطيع التحلي بسلوك الإيثار
- نستطيع تحمل الألم الجسدي بشكل أفضل
- نصبح أكثر صلابة في مواجهة الصعوبات
للمشاعر الإيجابية لها تأثير معادل للضغط العصبي، وفقًا لدراسة فريدريكسون، مانكوزو، برانيجان وتوجادي عام 2000. يشمل ذلك تفاعل القلب والأوعية الدموية على سبيل المثال، حسب دراسة فريدريكسون وليفينسون في عام 1998.
بالإضافة إلى ذلك، أثبت العلماء أفيا وفازكيز في عام 1998 أن المشاعر الإيجابية والسلبية مستقلة نسبة عن بعضها البعض. لذلك، نستطيع الشعور بمشاعر سلبية في مواقف تبدو إيجابية.
وعلى عكس ذلك، نستطيع الشعور بمشاعر إيجابية خلال اللحظات الصعبة التي نشعر فيها مثلًا بالقلق أو التي نتعرض فيها لمواقف صدمية.
اقرأ أيضًا:
مفاتيح الشعور بالسعادة
يمكن للبشر القيام بالكثير للهروب من المعاناة حتى مع مرورهم بمواقف كثيرة معقدة خلال خياتهم. وفي القسم التالي، نقدم بعض الاقتراحات العلمية التي يمكن من خلالها زيادة الشعور بالسعادة.
كن ممتنًا
عدد لا يحصى من العلماء يشيرون إلى أن الامتنان لكل شيء يسير بشكل جيد في الحياة يوميًا من المفاتيح المهمة. وذلك يصبح مهمًا بشكل خاص عندما نمر بأوقات صعبة.
الدراسات التي تمت على هذا الموضوع كشفت عن علاقة بين الامتنان والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية، المشاعر الإيجابية، الرضا، التفاؤل، الأمل، النشاط، وإدراك السعادة الذاتي (دراسة مكولو، إيمونز وتسانغ في عام 2002).
كما هو واضح، تضمين الامتنان في حياتنا خلال أوقات الأزمات والصعوبات الكبيرة يمكن أن يؤدي إلى تحسنًا كبيرًا في حالتنا النفسية.
قم بتنمية حس دعابة جيد
يوجد العديد من الفوائد النفسية المرتبطة بامتلاك حس دعابة جيد. ومنها يمكننا أن نذكر:
- السرور
- الشعور بالراحة
- الرضا
- تخفيف الضغط العصبي
- مكافحة الاكتئاب
لحس الدعابة الجيد تأثيرات بدنية مهمة أيضًا كزيادة القدرة على تحمل الألم وتحسين المناعة وحالة الجهاز القلبي الوعائي. بالإضافة إلى ذلك، على المستوى الاجتماعي، فإنه يحسن تواصلنا مع الآخرين ويساعدنا على الشعور بالانسجام في مجتمعنا.
لذلك من المهم إدراج اللحظات الفكاهية الملهية في حياتنا قدر الإمكان. يمكننا تحقيق ذلك عن طريق إعادة اكتشاف مسلسلاتنا المفضلة، مشاهدة فيلمًا كوميديًا، أو حتى قراءة فصل من كتاب يعيد البسمة على شفاهنا.
استمع إلى الموسيقى
نشرت مجلة الرابطة الطبية الأمريكية نتائج العلاج بالموسيقى لدراسة تمت عام 1996 في أوستين. وكشفت هذه الدراسة عن أن التحفيز الموسيقي يزيد من إفراز الإندورفينات، وهو ما يخفض الحاجة إلى استعمال الأدوية.
تعمل الإندورفينات على الجهاز العصبي المركزي. فتقوم بتحفيزنا وتنشيطنا، وهو ما يجعلنا أكثر سعادة وتفاؤلًا.
قم إذن بتشكيل قائمة تحتوي على أغانيك المفضلة واستمع إليها أثناء ممارسة الرياضة أو أثناء القيام بالمهام المنزلية الاعتيادية. جرعة يومية من الموسيقى السعيدة ستساعد جميع من في المنزل على الشعور بالسرور والحيوية.
مارس التأمل
التأمل يعني أن تكون حاضرًا في اللحظة والمكان الحاليين. عندما نصب تركيزنا على كل نشاط نقوم به، يصبح من الأسهل التوقف عن الاستماع للأفكار السلبية التي تظهر في عقولنا.
لا تحتاج إلى خبرة كبيرة لممارسة التأمل. كل ما تحتاج إلى القيام به هو التركيز على ما تقوم به. مثلًا، إذا كنت تطهو، راقب المكونات، اشعر بقوامها وملمسها. انتبه لرائحتها وأي صوت يصدر من التعامل معها. ولاحظ كيف يتغير قوام الطبق أثناء عملية تحضيره.
يمكنك تطبيق هذه الممارسة على أي نشاط تقوم به يوميًا. في الواقع، إنها وسيلة مثيرة للاهتمام لتخفيف القلق، وذلك وفقًا لعدة دراسات.
زد من أنشطتك الممتعة
الجنس البشري كان ليموت جوعًا وينقرض دون الآليات العصبية الخاصة بنظام المكافأة والتحفيز. ولذلك نميل إلى تكرار أي نشاط يشعرنا بالمتعة.
يمكننا إذن استغلال ذلك بممارسة أكبر عدد ممكن من الأنشطة التي تشعرنا بالمتعة. يمكن لهذه الأنشطة أن تكون بسيطة كأخذ حمام ساخن عند الشعور بالبرد. نحن أيضًا نشعر بالمتعة عندما نتعلم أشياء جديدة، وأيضًا من خلال أنشطة مثل الغناء، الكتابة، الرسم، الرقص، وغيرها.
أي أنشطة نستمتع بها تنشط الدائرة الصعبية التي تنتج شعورًا بالسعادة والراحة وتخفف مستويات التوتر والضغط العصبي.
لذلك، يجب تخصيص بعض الوقت يوميًا لهذا النوع من الأنشطة، خاصةً خلال الأوقات العصيبة.
خطط للأنشطة الممتعة
كما يشير إدواردو بنسيت في كتابه رحلة السعادة: رحلة علمية، توقع حدوث موقف مرغوب فيه ينتج سعادة أكبر من الحدث نفسه.
يرجع ذلك إلى ما يشير إليه العلماء باسم دائرة المكافأة. هذه الدائرة، والتي تحفز المتعة والسعادة، تنشط أثناء البحث وليس أثناء النشاط نفسه.
نعم، بعكس ما قد يظنه الكثيرون، ينشط الدوبامين من خلال توقع المتعة، حتى وإن لم تظهر على أرض الواقع فعلًا.
لذا، التفكير في تناول وجبتك المفضلة، الحصول على وظيفة أحلامك، التخطيط لرحلة مثيرة، وغيرها سينتج رضا وسعادة أكبر من هذه الأنشطة نفسها.
اقرأ أيضًا:
خاتمة
إنتاج المشاعر الإيجابية خلال المواقف المعقدة ليس بالمهمة السهلة. ولكن إذا التزمت بالممارسات التي ذكرناها، يمكنك الاقتراب أكثر لشعور دائم بالراحة والرضا.
ولكن، تذكر أن المشاعر السلبية لها وظيفة وغرض أيضًا. المهم هنا هو الاستماع إلى ما تعبر عنه، فهمها، تحويلها والاستفادة منها، ثم تركها في الماضي.
إذا كانت مشاعرك السلبية طاغية ولا تستطيع التعامل معها برغم جميع الممارسات التي ذكرناها، سيكون من المفيد استشارة طبيب أو معالج نفسي. لا يوجد ما يخجل في ذلك على الإطلاق.
"تمت مراجعة جميع المصادر المذكورة بعناية شديدة من قبل فريقنا لضمان جودتها وموثوقيتها وتحديثها وصحتها. تم اعتبار الببليوغرافيا لهذه المقالة موثوقة ودقيقة من الناحية الأكاديمية أو العلمية.
- Armero, Montse (2019). Aprendiendo a vivir. Uno Editorial.
- Carbelo, Begoña & Jáuregui, Eduardo (2006). Emociones positivas: humor positivo. Papeles del Psicólogo, vol. 27, núm. 1, enero-abril, 20, pp. 18-30.
- Punset, Eduard (2005). El viaje a la felicidad: las nuevas claves científicas. Ediciones Destino.
- Moyano, Natalia. Gratitud en la psicología positiva. Psicodebate 10. Psicología, cultura y sociedad, pp. 103-118.
- Vázquez, Carmelo; Hervas, Gonzalo, & Ho, Samuel M. Y. (2006). Intervenciones clínicas basadas en la Psicología Positiva: Fundamentos y aplicaciones. Psicologia Conductual, vol. 14, pp. 401-432.