هرمون الحب "الأوكسيتوسين" وجانبه المظلم الذي يجب عدم إغفاله

من خلال تعزيز إفراز المواد الكيميائية الأخرى، يعمل هرمون الحب كمخدر في عقولنا، والذي قد يتسبب في فقدان قدرتنا على تحديد اتجاهاتنا في الحياة تمامًا.
هرمون الحب "الأوكسيتوسين" وجانبه المظلم الذي يجب عدم إغفاله
Valeria Sabater

مكتوب ومدقق من قبل طبيبة نفسية Valeria Sabater.

آخر تحديث: 20 أكتوبر, 2022

يعرف الأوكسيتوسين باسم هرمون الحب أو مركب العناق أو كيمياء السعادة، وهو هرمون قوي التأثير من الناحية البيولوجية والعاطفية في ذات الوقت.

فعلى سبيل المثال، تتجسد الأهمية القصوى لهرمون الأكسيتوسين أثناء الولادة، كما يلعب دورًا رئيسيًا عند بدء عملية الرضاعة. فهو يساعد على بناء هذا الرباط القوي بين الأم وطفلها.

وبلا أدنى شك فإن هذه الرابطة هي التي تشكل أساس وجود الجنس البشري، إلى جانب العديد من الثديات الأخرى.

يتم إنتاج هرمون الحب الصغير هذا بواسطة الغدة النخامية، ويتم الاحتفاظ به بشكل حصري في الجزء الخلفي منها.

ولكن ما هو انطباعك الآن إذا علمت أن الأوكسيتوسين يشمل داخله جانبًا ليس إيجابيًا تمامًا؟

هل يمكن أن يمتلك هرمون الحب تأثيرًا سلبيًا على تكاملك العاطفي؟

ذوجان يحتضنان بعضهما مع نشوة هرمون الحب

نحن على يقين أن هذا الموضوع سيحظى باهتمام الكثيرين ممن يرغبون في معرفة المزيد.

وسوف نعرض لك هنا المزيد من المعلومات عن هذا الهرمون متعدد الأوجه، وبالتالي ستتمكن من الإلمام به بصورة شاملة.

هرمون الحب وعلاقات التبعية

إذا عشت علاقة عاطفية، وكانت التبعية هي الأساس في هذه العلاقة،  فلابد أن تعلم أنك ربما كنت تعيش تحت تأثير أحد الأوجه الضارة  لهرمون الحب.

ففي هذا النوع من العلاقات، تتسبب مشاعر الحب في محو الهوية وأولويات الفرد على حدٍ سواء.

فقد تتعلق بهذا الشخص لدرجة تجعلك تهمل الجوانب الجوهرية الخاصة التي تشكل حياتك الخاصة.

وقد يبدو الأمر مجرد تشبيهًا غريبًا، ولكن متخصصو الأمراض النفسية والعصبية عادةً ما يشبهون هذا النوع من الحب بإدمان الكحوليات والثمالة.

في هذه الحالة يصبح الإنسان أشبه بكونه ثمِلًا، حيث يكون واقعًا تحت تأثير جرعة زائدة من هرمون الحب .

ولذلك تصبح تابعًا أسيرًا في علاقة حب ضارة، ولكنك لا تقدر على تحرير نفسك من هذا الأسر.

الأوكسيتوسين والعلاقات الاجتماعية

أسباب عدم إنهاء العلاقة العاطفية برغم عدم الشعور بالسعادة

يصنف هذا المركب الكيميائي بأنه “بيبتايد تاسوعي”، أي أنه أحد مركبات مجموعة البيبتايد التي تحتوي على تسعة أحماض أمينية.

فهو يباشر عمله كهرمون وكأحد النواقل العصبية بالمخ. وبفضل هذا “البيبتايد الصغير” نتمكن من اتخاذ القرارات المرتبطة بتفاعلاتنا الاجتماعية.

ومن ثم فإننا ننشط اجتماعيًا من خلال إظهارنا لسماتنا الشخصية مثل الكرم والتعاطف أو حب الغير.

  • وحتى وقتٍ ليس ببعيد، كان يعتقد أن الأوكسيتوسين الذي يفرزه المخ يستخدم بواسطة الجسم كعلاج لردود الأفعال المرتبطة بالضغوط والاضطرابات التي تحدث نتيجة للتفاعلات الاجتماعية اليومية ، حتى مع أحب وأقرب الناس إلينا.
  • واليوم، وبفضل أحد الأبحاث الجديدة، فقد اتضح أن الأوكسيتوسين ينطوي على جانبٍ ضارٍ إلى حدٍ ما، فهو يعمل سلبيًا على بناء علاقات ارتباط غير صحية، والتي يؤدي فيها الهوس الطرفين المتبادل إلى سير كل منهما بثقة ويبطئ في رحلة تنتهي بتدمير الذات.
  • إن القول المأثور بأن الحب قد يكون أحيانًا مادة كيميائية تدمر بشدة ليس مجرد مبالغة شعرية، إنما هو واقع ملحوظ.

هرمون الحب والكحوليات

فتاة تضع يدها على رأسها بينما تسكر

كلاهما يتوسط عملية النقل العصبي التي تتم بواسطة إنزيم الجابا إلى قشرة الجبهة الأمامية والهياكل الحوفية.

وبالتالي، فكلاهما يمكنه زيادة التأثيرات الخاصة بالضغط العصبي والاضطراب، ولهما القدرة على تقليل الشعور بالخوف الذي نشعر به عند قيامنا ببعض التصرفات.

إن الوقوع تحت تأثيرِهما يسبب لنا الشعور بالأمان والشجاعة، وكذلك تزداد لدينا الرغبة في خوض تجارب جديدة.

ولذلك، فإن الشعور بالحب المبني على الوله والانتشاء الوهمي والهوس المريض ما هو إلا أمر أشبه بحالة السكر.

وبالتالي فيصعب علينا إيجاد نوع من التوازن الملائم، أو شرح موضوعي لهذه الحالة.

ويقف أخصائيو الأمراض النفسية والعصبية في اندهاش أمام التأثير الهائل الذي يحدثه هرمون الحب على الكثير من الأشخاص.

وقبل أن تفكر في اختراع مشروب روحي يحتوي على الأوكسيتوسين بدلًا من الكحوليات، فلابد أن تعلم أن هذا غير ممكن.

غير أن إمكانية الاستعانة به في معالجة حالات معينة من الاكتئاب، وكذلك الاضطرابات الإكلينيكية يعتبر خيارًا حقيقيًا ممكنًا.

الحب مخدر عالي التأثير

ولد يحمل زهرة لفتاة في غروب الشمس

حينما نحب فإن عقولنا تفرز خليط سحري من الدوبامين، السيروتونين، النوربنفيرين، إلى آخر تلك القائمة.

وبفضل هذه الناقلات العصبية، فإننا نشعر بالمزيد من الطاقة، والحب، والرغبة في خوض التجارب.

هرمون الحب مادة تتوسط جميع تلك الهرمونات، فهي تعمل على تحفيز وزيادة إفراز هذه المواد الكيميائية، والتي بدورها تعمل على زيادة وسيط آخر أعلى تأثيرًا يسمى “الفنيل إثيلامين”.

هذا المركب الكيميائي الذي يتم إفرازه ينتمي إلى عائلة  المنبهات العصبية التي تبقى في عقولنا بكميات مركزة لمدة تصل إلى أربعة أعوام تقريبًا.

وقد يفسر ذلك لنا تلك الفترة الأولى من الوله الشديد، حينما نشعر وكأننا ندور كالأقمار الصناعية التي تتحرك في مدارها حول كوكب، ولا تقوى على رؤية أي شيء آخر يوجد في هذا الكون.

إنه أمر طبيعي. ولكن حينما نشعر بذلك يجب أن نبقى حذرين، وألا نفقد بوصلتنا الداخلية، وقدرتنا على تمييز اتجاهاتنا.


"تمت مراجعة جميع المصادر المذكورة بعناية شديدة من قبل فريقنا لضمان جودتها وموثوقيتها وتحديثها وصحتها. تم اعتبار الببليوغرافيا لهذه المقالة موثوقة ودقيقة من الناحية الأكاديمية أو العلمية.



هذا النص مقدم لأغراض إعلامية فقط ولا يحل محل استشارة مع محترف. في حال وجود شكوك، استشر اختصاصيك.