عسل النحل والأطفال: مزيج خطير
لماذا يعتبر عسل النحل خطيرًا في حالة الأطفال؟ ففي النهاية، العسل من أكثر الأطعمة الصحية والمغذية في العالم، إلى جانب أن الجميع تقريبًا يحب مذاقه الحلو.
كل ذلك صحيح. ولكن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن استهلاك الأطفال الرضع للعسل في أولى سنوات حياتهم من الممارسات التي يجب تجنبها تمامًا.
التسمم: سبب ضرورة تجنب استهلاك الرضع للعسل
يستهلك البشر عسل النحل منذ آلاف السنين. وهو من الأطعمة الطبيعية المعروفة بقيمتها الغذائية العالية جدًا وفوائدها الصحية المتعددة.
ولكن، لسوء حظ الأطفال الرضع، هذا المنتج الطبيعي يحتوي أيضًا على بكتيريا تُعرف باسم المطثية الوشيقية التي تفرز سم عصبي يمكن أن يكون خطيرًا جدًا قبل بلوغ الأطفال عامهم الأول.
سبب ذلك بسيط، فمجهريات البقعة الموجودة بشكل طبيعي في أمعاء البشر لا تكون قد نضجت بشكل كامل إلا بعد بلوغهم عامهم الأول.
يؤدي ذلك إلى سهولة تكاثر البكتيريا في الأمعاء، وهو ما يتسبب بدوره في إفرازها سموم عصبية تُعتبر من أخطر المركبات التي نعرفها.
تُعرف هذه الحالة باسم التسمم الوشيقي في الأطفال، وهو نوع من التسمم الذي يصيب الأطفال قبل بلوغهم السنة الأولى من العمر، والذي يمكن أن يكون مميتًا.
لا يحدث ذلك بعد العام الأول، لأن دفاعات الجسم الطبيعية تكون تطورت بشكل كاف لمنع تكاثر هذه البكتيريا الخطيرة.
التسمم والأطفال الرضع
المطثية الوشيقية هي بكتيريا عصوية موجودة بشكل طبيعي في التراب. وهو ما يعني أنها قد تصل إلى جميع أنواع الأطعمة، سواء الأطعمة النباتية أو الحيوانية.
هذه البكتيريا تتجمع في أبواغ، ويمكن أن تظل خاملة حتى تجد البيئة المثالية للتكاثر والنمو.
يمكن العثور عليها بشكل أساسي في المخازن لأنها تفضل البيئات منخفضة الأكسجين، ولكنها لا تحتمل البيئات الحمضية.
بالإضافة إلى ذلك، فهي لا تستطيع الانتشار في المحاليل عالية السكريات. ولهذا السبب تبقى خاملة عادةً في العسل، وتنتظر الظروف المثالية لتتكاثر.
عندما يستهلك الطفل عسل النحل خلال عامه الأول، يتم تخفيف السكر المركز في العسل بسبب عصائر المعدة. ولأنها بيئة منخفضة الأحماض والأكسجين، تتاح للبكتيريا الفرصة المثالية للتكاثر وإطلاق السموم العصبية.
تصل هذه السموم إلى النهايات العصبية العضلية من خلال مجرى الدم، وهو ما قد يؤدي إلى التسمم الوشيقي الذي تحدثنا عنه. هذه الحالة خطيرة جدًا، وتتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا.
أعراض الحالة
يؤثر التسمم الوشيقي على الجهاز العصبي، ولذلك تؤدي إلى مدى واسع من الأعراض المختلفة. تظهر هذه الأعراض عادةً في خلال 12-48 ساعة بعد اتصال الطفل بالبكتيريا.
وأكثر هذه الأعراض شيوعًا هي كالتالي:
- صعوبة أو بطء التنفس
- الإمساك
- الوهن العام
- ضعف البكاء
- الخمول
- قوس انعكاسي ضعيف
- الرؤية المزدوجة أو المشوشة
- جفاف الفم
- تهدل الجفون
- الترهل العام
- الأكل ببطء شديد
- في الحالات الشديدة: شلل في الجذع، الأذرع، الأرجل أو الجهاز التنفسي.
التشخيص والعلاج
سيأخذ طبيب الأطفال وصف الأعراض المقدم من قبل الوالدين في الاعتبار. وسيقوم على الأرجح بتنفيذ تحليل للبراز للتأكد من وجود السموم.
هذه الحالة تتطلب تدخلًا فوريًا. فالدراسات تثبت أنها تؤثر على الجهاز العصبي بشكل كبير وقد تؤدي إلى فشل الجهاز التنفسي. لذلك يجب إدخال الطفل المستشفى فورًا ومتابعته بشكل مستمر.
يعتمد نجاح العلاج على سرعة التشخيص واستعمال مضاد السموم المناسب. في الحالات الحادة، قد يحتاج الطفل إلى تهوية ميكانيكية أو تغذية وريدية.
تختفي معظم الحالات في خلال بضعة أسابيع أو أشهر بشرط حصول الطفل على الرعاية الفورية. فقط في الحالات الحادة يؤدي مفعول السمم إلى الوفاة بسبب فشل الجهاز التنفسي.
قد يهمك:
هل عسل النحل هو الطعام الوحيد الذي يسبب التسمم الوشيقي للأطفال؟
الإجابة هي لا. فكما ذكرنا، البكتيريا المسؤولة عن ظهور هذه الحالة منتشرة في الطبيعة. ولذلك من الصعب تحديد مصدر الأبواغ. وبالطبع، العسل ليس الحامل الوحيد للبكتيريا.
تعيش هذه البكتيريا في التراب وتنتشر من خلال الغبار الذي ينتقل عبر الهواء. ويعني ذلك أن الطفل قد يستنشق هذه البكتيريا بسهولة.
لهذا السبب، ينصح الأطباء بإبعاد الأطفال الرضع عن البيئات التي تشمل الكثير من الأتربة والغبار. من المهم أيضًا تجنيبهم الأماكن التي يقوم فيها أي شخص بالتنظيف مثلًا.
بسبب حدة هذا النوع من التسمم وصعوبة التخلص من البكتيريا، يجب على الآباء الانتباه لأي اندلاعات تقع بالقرب منهم لتجنب العدوى.
وبرغم أن الاندلاعات نادرة، إلا أنها دائمًا ما تكون أولوية وتعد حالة صحة عامة طارئة. ومن الضروري للسلطات المحلية التحرك فورًا إذا حدثت الاندلاعات بشكل طبيعي أو عرضي أو متعمد، وذلك وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية.
هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تمنع ظهور الحالات الجديدة ويمكن من خلالها معالجة المصابين بالفعل بشكل فعال.
وصايا
الإجراء الأساسي لتجنب التسمم الناتج عن استهلاك الطفل للعسل هو إبعاده عنه تمامًا حتى يتم عامه الأول. ولكن، يجب أخذ مصادر العدوى الأخرى في الاعتبار. فلا يوجد لقاح لهذا النوع من البكتيريا، ولذلك الوقاية أهم الإجراءات.
لهذا السبب، ينصح أطباء الأطفال بالآتي:
- لا تقدم عسل النحل أو أي منتجات تحتوي عليه للطفل الذي لم يبلغ عامه الأول.
- يمكن لهذه البكتيريا أن تكون متواجدة في شراب الذرة، فتجنب تقديمه للطفل أيضًا.
- تجنب تعريض الطفل للأتربة والغبار.
- اغل الأطعمة المخزنة في المنزل جيدًا قبل تقديمها للطفل.
- اهتم بالنظافة الشخصية وبنظافة المنزل.
"تمت مراجعة جميع المصادر المذكورة بعناية شديدة من قبل فريقنا لضمان جودتها وموثوقيتها وتحديثها وصحتها. تم اعتبار الببليوغرافيا لهذه المقالة موثوقة ودقيقة من الناحية الأكاديمية أو العلمية.
- Abdulla, C. O., Ayubi, A., Zulfiquer, F., Santhanam, G., Ahmed, M. A. S., & Deeb, J. (2012). Infant botulism following honey ingestion. Case Reports, 2012, bcr1120115153. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3448763/
- WHO. (n.d.). Botulismo. Organización Mundial de la Salud. https://www.who.int/es/news-room/fact-sheets/detail/botulism
- Nigam, P. K., & Nigam, A. (2010). Botulinum toxin. Indian journal of dermatology, 55(1), 8. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2856357/
- Sobel, J. (2005). Botulism. Clinical Infectious Diseases, 41(8), 1167-1173. https://academic.oup.com/cid/article/41/8/1167/379325
- Laso, E. L., Navero, J. P., Aguirre, J. R., González, M. M., García, M. M., Aranzana, M. C., & de la Rosa, I. I. (2008, May). Botulismo del lactante. In Anales de Pediatría (Vol. 68, No. 5, pp. 499-502). Elsevier Doyma. https://www.analesdepediatria.org/es-botulismo-del-lactante-articulo-S1695403308701887